jeudi 30 août 2012

شهر رمضان فرصة للتغيير لهولاء



أولا: رمضان فرصة الجميع للتغيير؛ليصبح العبد من المتقين الأخيار ،
 
 ومن الصالحين الأبرار . يقول الله تعالى:
 
 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 
 
[البقرة:183] فقوله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} تعليل لفرضية الصيام ؛ ببيان فائدته الكبرى ، 
 
وحكمته العظمى . وهي تقوى الله والتي سأل أميرُ المؤمنين عمرُ رضي الله عنه 
 
 
الصحابيَ الجليل ؛ أبيَ بن كعب رضي الله عنه عن معنى التقوى ومفهومها ؟
 
 فقال يا أمير المؤمنين : أما سلكت طريقا ذا شوك ؟ قال : بلى ..   
 
 قال : فما صنعت ؟ قال : شمرتُ واجتهدت ..
 
 أي اجتهدتُ في توقي الشوك والابتعاد عنه 
 
، قال أبي: فذلك التقوى .

خـــــل الـذنوب صغــــــــــيرها وكبيرها ذاك الـتقى

واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تـحـقـرن صـغيرةً إن الجبـــــــالَ من الحـــــــــــصى

لقد كان المجتمعُ الإسلاميُ الأول مضربَ المثل في نزاهتهِ ، وعظمةِ أخلاقه ، 
 
وتسابقِ أفرادهِ إلى مرضاةِ ربهمِ جل جلاله ، وتقدست أسماؤه ، 
 
وكانت التقوى سمةً بارزة في محيا ذلكِ الجيلِ العظيم الذي سادَ الدنيا 
 
بشجاعتهِ وجهاده ، وسارت بأخلاقهِ وفضائلهِ الركبان مشرقاً ومغرباً ،
 
 
 فقد كان إمام المتقين عليه الصلاة والسلام قمةً في تقواه وورعهِ ،
 
 وشدةِ خوفهِ من ربهِ العظيمِ الجليل ، فكان يقومُ الليل يصلي 
 
ويتهجد حتى تفطرتْ قدماه الشريفتان ، وكان يُسمعُ لصدره أزيزٌ كأزيزِ 
 
المرجل من النشيجِ والبكاء ، وهو الذي غُفر له ذنبه ما تقدم وما تأخر .

ثاينا: رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مفرطاً في صلاته ، فلا يصليها مطلقاً ، 
 
أو يؤخرها عن وقتها , أو يتخلف عن أدائها جماعة في المسجد .
 
 ليعلم المتهاون في صلاته ، أنه يرتكب خطأً قاتلاً ، وتصرفاً مهلكاً ، 
 
يتوقف عليه مصيره كله ، و إن لم يتدارك نفسه ،
 
 فهو آيل لا محالة إلى نهاية بائسة ، وليل مظلم ، وعذاب مخيف ،
 
 جاء في الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
 
 في الرؤيا قال :" أما الذي يثلغ رأسه بالحجر فإنه يأخذ القرآن
 
 فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة "
 
 رواه البخاري (1143).

إن التهاون بأمر الصلاة والاستخفاف بها ، خطأ فادح بكل المقاييس ، 
 
وجناية مخزية بكل المعايير . لا ينفع معها ندم ولا اعتذار عند الوقوف
 
 بين يدي الواحد القهار ، إني أدعوك بكل شفقة وإخلاص ،
 
 أدعوك والألم يعتصر قلبي خوفاً عليك ورأفة بك ، 
 
أدعوك في مثل هذا الشهر المبارك إلى إعادة النظر في واقعك ، 
 
ومُجريات حياتك ، أدعوك إلى مراجعة نفسك ، وتأمل أوضاعك قبل فوات الأوان ،
 
 إني أنصحك ألا تخدعك المظاهر ، ولا يغرك ما أنت فيه ، 
 
من الصحة والعافية والشباب والقوة ، فما هي إلا سراب بقيعة 
 
، يحسبه الظمآن ماءً ، أو كبرق خُلب ، سرعان ما يتلاشى ،
 
 و ينطفئ ويزول ، فالصحة سيعقبها السقم ، والشباب يلاحقه الهرم ،
 
 والقوة آيلة إلى الضعف ، ولكن أكثر الناس لا يتفكرون .

أخي الكريم : إن أصحابك الذين غروك بالتهاون بشأن الصلاة ،
 
 وزينوا لك إضاعتها ، إنهم لن يذرفوا عليك سوى دموع التماسيح ،
 
 يعودون بعدها ، إلى مزاميرهم وطربهم وأنسهم ، غير مكترثين بك ،
 
 ولا بألف من أمثالك ، إنهم أنانيو الطباع ، ميتو الإحساس ، 
 
لا همّ لهم إلا أنفسهم وملذاتهم ، ولو فقدوا الآباء والأمهات ،
 
 فضلاً عن الأصحاب والخِلان ، فاستيقظ يا هذا من غفلتك ، 
 
وتنبه من نومتك ، فالحياة قصيرة وإن طالت ، والفرحة ذاهبة وإن دامت ،
 
 واجعل من رمضان فرصة للمحافظة على هذه الصلاة العظيمة ،
 
 فقد وفقك الله للصلاة مع الجماعة ، وإلف المساجد ،
 
 وعمارتها بالذكر والتسبيح ، فاستعن بالله ، واعزم من الآن 
 
أن يكون هذا الشهر المبارك بداية للمحافظة على الصلاة ، 
 
والتبكير إليها يقول الله تعالى في وصــف المؤمنين:
 
{الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ } [المعارج: 24] .

ويقول سبحانه : {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)
 
 أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ } [المعارج:34-35] .

ثالثا: رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان مقصرًا في نوافل العبادات ؛ 
 
فلم يجعل له منها نصيباً ، ولم يأخذ لنفسه قسماً مفروضاً ، فيغير من حاله ،
 
 ويبدل من شأنه ، ففي رمضان تتهيأ النفوس ، وتقبل القلوب ، 
 
وتخشع الأفئدة ، فينتهز هذه الفرصة ، فيحافظ على شيء منها ،
 
 فهي مكملة لفرائضه ، متممة لها ، قال صلى الله عليه وسلم :
 
 " إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة المكتوبة
 
 فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع فإن كان له تطوع أكملت
 
 الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك
 
 " رواه ابن ماجه (1425) .

وأقل الوتر ركعة ، وأقل الضحى ركعتان ، وعدد السنن الرواتب ثنتا عشرة ركعة ، 
 
ركعتان قبل الفجر ، وأربع ركعات قبل الظهر ، وركعتان بعدها ،
 
 وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
 
 " ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة 
 
إلا بنى الله له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة "
 
 رواه مسلم ، ويقول صلى الله عليه وسلم : 
 
" أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم .

ولماذا لا تجعل من رمضان فرصة ، لأن يكون لك أيام تصومها لله رب العالمين
 
 فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً ،
 
 فهذه ستة من شوال ، ويوم عاشوراء ، وعرفة ، وصوم الإثنين والخميس ، 
 
وصيام ثلاثة أيام من كل شهر . فلا تحرم نفسك الدخول من باب الريان ،
 
 عندما ينعم عليهم المنان بدخول الجنان . . فبادر شبابك قبل هرمك . .
 
 وصحتك قبل سقمك . . وحياتك قبل موتك . . 
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم 
 
قال :" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به 
 
ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " رواه البخاري .

رابعا: رمضان فرصة للتغيير .. لمن هجر القرآن قراءة وتدبراً ،
 
 وحفظاً وعملاً حتى أصبح القرآن نسياً منسياً ،
 
 أن يكون هذا الشهر بداية للتغيير ، فترتب لنفسك جزءاً من القرآن ، 
 
لا تنفك عنه بأي حال من الأحوال ، ولو كان هذا الجزء يسيراً ،
 
 فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ، وقليل دائم ،خير من كثير منقطع ،
 
 ولا تنس الفضل الجزيل لمن قرأ كلام الله الجليل يقول النبي صلى الله عليه وسلم : 
 
" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها
 
 لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " رواه الترمذي (2910)

والقرآن يشفع لك يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
 
 " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام :
 
 أي ربي إني منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ،
 
 ويقول القرآن : رب منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ،
 
 قال : فيشفعان " رواه أحمد . قال الألباني ـ رحمه الله ـ : 
 
( أي يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة ) .

ولقد أدرك سلفنا الصالح عظمة هذا القرآن ؛
 
 فعاشوا معه ليلاً ونهاراً . . قال وهيب بن الورد : 
 
قيل لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القـرآن أطرن نومي ،
 
 وقال أحمد بن الحواري : إني لأقرأ القرآن ، وانظر في آية ،
 
 فيحير عقلي بها ، وأعجب من حفاظ القرآن ، كيف يهنئهم النوم ،
 
 ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله ،
 
 أما إنهم لو فهموا ما يتلون ، وعرفوا حقه ، وتلذذوا به ،
 
 واستحلوا المناجاة به ، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا .

ومن المفارقة العجيبة ، أن يدرك أعداؤنا من عظمة هذا القرآن ، 
 
ما لا ندركه ، وأن يعملوا جاهدين على طمس معالمه ،
 
 ومحو آثاره في العباد والبلاد ، لخوفهم الشديد من عودة الأمة
 
 إلى هذا القرآن الذي يؤثر في النفوس ، ويحييها ،
 
 ويبعث فيها العزة والكرامة . يقول غلادستون : 
 
مادام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين ،
 
 فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق ،
 
 ولا أن تكون هي نفسها في أمان ، وكان نشيد جيوش الاستعمار ،
 
كان نشيدهم :أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة ، لأحارب الديانة الإسلامية ،
 
 ولأمحو القرآن بكل قوتي .(1)

فما موقفك أنت يا رعاك الله ؟ أدع الإجابة لك ،
 
 وأسأل الله أن يوفقك للخير وفعله.

خامسا: رمضان فرصة للتغيير .. للمرأة المسلمة التي أصبح حجابها مهلهلاً ،
 
 وعباءتها مطرزة ، وثيابها فاتنة ، وعطرها يفوح 
 
و في كل يوم إلى الأسواق تروح . . قال صلى الله عليه وسلم :
 
" أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية " رواه أحمد .

ويزداد الأمر سوءاً ، إذا كان الخروج بلا محرم . . 
 
فتركب مع السائق وحدها وما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطـان ،
 
 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . فليـكن - يا أخية -
 
 رمضان فرصة لأن تتربى نفسك على البقاء ،
 
 في المنـزل وعدم الخروج منه إلا لحاجة ماسة ،
 
 وبضوابط الخروج الشرعية ، وليكن رمضان فرصة لضبط النفس في قضايا اللباس ، 
 
 
والموضة والاعتدال فيهما ، بدون إفراط ولا تفريط ،
 
 وليكن رمضان فرصة للحفاظ على الحجاب الشرعي ؛
 
 طاعة لله ، وإغاظة للشيطان وحزبه .

سادسا:رمضان فرصة للتغيير .. للرجل والفتاة اللذين عبثا بالهاتف طويلاً ، 
 
وتهاتفا بعبرات الحب والغرام ، والعشق والهيام ،
 
 والذي كله كذب وهراء ، ودجل وافتراء ، وتلاعب بالمشاعر والعواطف ،
 
 وقد تكون البداية قضاء وقت فراغ ، ثم يستدرجهما الشيطان
 
 للوقوع في الفاحشة البغيضة . . فتقع المصيبة وتحل الطامة العظيمة . .
 
 وينكسر الزجاج فأنى له أن يعود مرة أخرى !!

تقول إحدى المعاكسات : كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية .
 
 تطورت إلى قصة حب وهمية ، أوهمني أنه يحبني ، وسيتقدم لخطبتي ،
 
 طلب رؤيتي ، رفضت . هددني بالهجر !! بقطع العلاقة !! ضعفت . .
 
 أرسلت له صورتي مع رسالة معطرة !! توالت الرسائل ،
 
 طلب مني أن أخرج معه . . رفضت بشدة . . هددني بالصور ،
 
 بالرسائل المعطرة ، بصوتي في الهاتف ـ وقد كان يسجل ـ 
 
خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن . . 
 
لقد عدت ولكن عدت وأنا أحمل العار ، قلت له الزواج .. 
 
الفضيحة ،قال لي بكل احتقار وسخرية : إني لا أتزوج فاجرة !!

فاتق الله أيها الشاب ، واتقي الله أيتها الفتاة ، وليكن رمضان فرصة لتغيير المسار 
 
والابتعاد عن الأخطار ، وهتك الأعراض فالزنا دين كما قال الشاعر :

يا هاتكاً حرم الرجال وتابعاً ... طـــرق الفساد فأنت غير مكــرم

من يزن في قـوم بألفـي درهم ... في أهـــــــله يزنــي بربــــع الدرهـــــم

إن الزنى دين إذا استقرضته ... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

سابعا: رمضان فرصة للتغيير .. لمن تعود على حياة المترفين ،
 
 
 ونشأ على حب الدعة واللين ، أن يأخذ من رمضان درسا في تربية النفس 
 
على المجاهدة والخشونة في أمر الحياة ، فربما تسلب النعمة ،
 
 و تحل النقمة . فالدنيا غدارة غرارة مناحة مناعة ،
 
 وإقبال الدنيا كإلمامة ضيف ، أو غمامة صيف ، أو زيارة طيف ،
 
عن أبي عثمان النهـدي قال : أتانا كتاب عمر بن الخطاب :
 
 ( اخشوشنوا واخشوشبوا واخلولقوا وتمعددوا ـ التمعدد ـ 
 
أي العيش الخشن الذي تعرفه العرب ـ كأنكم معد وإياكم والتنعم وزي العجم.) ،
 
 و عن عروة بن رويم قال : قال صلى الله عليه وسلم :
 
" شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به همتهم ألوان الطعام
 
 وألوان الثياب يتشدقون في الكلام" .

ثامنا: رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان يتابع الأكلات ، ويتتبع المطاعم ،
 
 فيوم هنا ، ويوم هناك ، حتى أصبح بطنه هو شغله الشاغل .
 
 ولو سألته عن أي مطعم في الشرق أو الغرب لأعطاك وصفة موجزة .
 
 ومفصلة بما تحتوي عليه تلك المطاعم وحسنها من قبيحها ،
 
 وجيدها من رديئها ، وما هكذا تورد الإبل يا سعد !!
 
 ولم نخلق من أجل أن نسعد بطوننا . .
 
 والطعام وسيلة لا غاية فافهم هذا حتى تبلغ الغاية ...

كيف تصفو روح مَـرْءٍ ... نفسه للـطـعـم ولهى

لقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى التقلل من الأكل كما في حديث المقدام 
 
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : 
 
" ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ،
 
 فإن كان لابد محالة ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلثه لنفسه "رواه الترمذي

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :
 
 ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من خبر برّ
 
 ثلاث ليال تباعا حتى قبــــــض . 
 
وصــــــــح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
 
 " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، 
 
ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، 
 
ويظهر فيهم السمن " رواه البخاري ومسلم . ويقول عمر رضي الله عنه : 
 
إياكم والبطنة في الطعام والشراب ، فإنها مفسدة للجسد ،
 
 مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ، 
 
فإنه أصلح للجسد ، وأبعد عن السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ،
 
 وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه "
 
قال الحارث بن كلدة الطبيب المشهور : الحمية رأس الدواء ،
 
 
 والبطنة رأس الداء . وقال غيره لو قيل لأهل القبور: ما كان سبب آجالكم ؟ لقالوا : التخم !!
وقلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم ، وانكسار النفس ، 
 
وضعف الهوى والغضب . وكثرة الطعام يوجب ضد ذلك .

عن عمرو بن قيس قال : إياكم والبطنة فإنها تقسي القلب .
 
 وعن سلمة بن سعيد قال : إن كان الرجل ليعير بالبطنة كما يعير بالذنب يعمله .

وعن مالك بن دينار قال : ما ينبغي للمؤمن أن يكون بطنه أكبر همه ، 
 
وأن تكون شهوته هي الغالبة عليه .

وقال سفيان الثوري : إن أردت أن يصح جسمك ، 
 
ويقل نومك ، فأقل من الأكل .

فليكن هذا الشهر المبارك بداية للتقلل من الطعام والاستمرار على ذلك على الدوام .

تاسعا: رمضان فرصة للتغيير .. من أخلاقنا . فمن جبل على الأنانية
 
 والشح وفقدان روح الشعور بالجسد الواحد ، فشهر الصوم مدرسة عملية ،
 
 له وهو أوقع في نفس الإنسان من نصح الناصح ، وخطبة الخطيب ،
 
 لأنه تذكير يسمعه ويتلقنه من صوت بطنه إذا جاع ، وأمعائه إذا خلت ،
 
 وكبده إذا احترت من العطش ، يحصل له من ذلك تذكير عملي بـجوع الجائعين ، 
 
وبؤس البائسين ، وحاجة المحتاجين ، فتسمح نفسه بأداء حق الله إليهم ، 
 
وقد يجود عليهم بزيادة ، فشهر الصيام شهر الجود والمواساة . .

الصوم يمنحنا مشاعر رحمة ... وتعاون وتعفف وسماح

فرمضان مدرسة للقضاء على صفة الأنانية والشح ، 
 
ومن ثم الشعور بالجسد الواحد الذي
 
 إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
 
 قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
 
 مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "
 
 رواه مسلم (2586) .

عاشرا:رمضان فرصة للتغيير .. لمن كان قليل الصبر ، سريع الغضب ،
 
 أن يتعلم منه الصبر والأناة . فأنت الآن تصبر على الجوع والعطش 
 
والتعب والنصب ساعات طويلة ، ألا يمكنك - أيضاً - أن تعود نفسك
 
 من خلال شهر الصبر . . الصبر على الناس وتصرفاتهم وأخلاقهم ، 
 
وما يفعلونه تجاهك من أخطاء ، وليكن شعـــارك الدائم .
 
{ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
 
 عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران:134]
 
 وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ
 
 إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضـَبِ " يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
 
 " من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه ، دعاه الله يوم القيامة
 
 على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء " رواه الترمذي . 
 
فليكن هذا الشهر بداية لأن يكون الصبر شعارنا ، والحلم والأناة دثارنا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire